عندما أقر قانون الإنتخاب الجديد القائم على النسبية في ١٥ دائرة وبصوت تفضيلي واحد، بدأت الخلافات تفتك بتفاهم معراب الذي أبرم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وعندما تصاعدت حدة الخلافات، سُئل طرفا التفاهم عن سبب التهشيم ببعضهما البعض عبر وسائل الإعلام، فكانت الإجابات تتركز على المعادلة التالية: " تفاهم معراب ثابت ولا عودة الى الوراء بين التيار والقوات، ولكن، قانون الإنتخاب الجديد يجعل مصلحة كل فريق منا في خوض الإنتخابات من دون التحالف مع الآخر، ومن هنا يأتي التباعد في وجهات النظر".
هذه المعادلة التي لا تزال تتردد على ألسنة المسؤولين في التيار والقوات، سرعان ما أثبتت الوقائع والإستحقاقات الإنتخابية التي توالت أنها غير دقيقة"، يقول أحد المتابعين الأساسيين لتفاهم معراب، ويضيف "المسألة لا تتعلق فقط بالقانون النسبي الجديد لأن التيار والقوات وبإستثناء الإنتخابات البلدية عام ٢٠١٦، لم يتركا عملية إنتخابية واحدة ومنها ما كان يجرى على أساس القانون الأكثري حيث هناك مصلحة بالتحالف، إلا وترشحا فيها على لوائح مضادة" ولفت الى المحطات التالية لدعم كلامه:
- في إنتخابات نقابة المهندسين، وفي الليلة الأخيرة قبل الإنتخابات، سحبت القوات مرشحها الى مركز النقيب لمصلحة مرشح التيار مقابل سحب التيار مرشحيه الى العضوية لمصلحة مرشحي القوات، أما النتيجة فكانت فوز مرشحي القوات وخسارة مرشح التيار علماً أنهما على لائحة واحدة، ما جعل التيار يتهم القوات وعبر وسائل الإعلام بتشطيب مرشحه وهذا ما إعترفت به القوات فيما بعد جزئياً.
- أما في الإنتخابات الجامعية فلم يجتمع التيار والقوات على لائحة واحدة لا في جامعة سيدة اللويزة ولا في الجامعة اللبنانية الأميركية ولا في الجامعة اليسوعية التي خاض طرفا تفاهم معراب فيها معركة "كسر عظم" ضد بعضهما. وتردد في كواليس الجامعة أن غضب القواتيين دفع ببعض مناصريهم في عدد من الكليات التي خسروا فيها، الى التهجم على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
- سيتواجه التيار مع القوات منتصف تشرين الثاني الجاري في معركة إنتخابية قاسية مسرحها نقابة المحامين في بيروت بين مرشح التيار الى مركز نقيب المحامين فادي بركات ومرشح القوات فادي مسلم، علماً أن النظام المعتمد أكثري، ولم يكن للقوات مرشح الى مركز نقيب هذه الدورة، وكانت قد أعطت كلمتها بدعم مرشح الأحرار للمحامي نبيل طوبيا منذ عام ٢٠١٥، ولكن عندما توفي طوبيا في تموز جراء نوبة قلبية، شعرت القوات أن تحررها من الوعد المعطى للأحرار، يفرض عليها مواجهة التيار، لذلك سارعت الى إعلان ترشيح مسلم ومن دون أن تجري أي مفاوضات مع التيار للتحالف وخوض المعركة على لائحة واحدة.
لكل ما تقدّم، تؤكد التطورات الإنتخابية أن تفاهم "أوعا خيّك" ليس بألف خير، وألا علاقة لقانون الإنتخاب الجديد بأي توتر تشهده علاقة الفريقين، لا من قريب ولا من بعيد.